COMMENT EXPLIQUER LA RÉVOLTE TUNISIENNE ?
 
Ce texte en arabe, le premier d’une série d’articles consacrée à la crise tunisienne, est destiné à un public arabophone qui ne lit pas forcément nos analyses textes en langue française.
 
 
كيف يُمكننا تفسيرالأنتفاضة التونسية ؟
فوزي المير
 
رغم أن الأنتفاضة الشعبية في تونس التي اطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي بعد 23 عامآ هي في بدايتها، لكنه من الممكن ان نكون بعض الأفكار ونستخلس الدروس الأولية من هذه التجربة الأولى في العالم العربي. السؤال الأول الذي يطرح نفسه هو التالي : كيف يمكننا تفسيرألأنتفاضة التونسية ؟
 
التفسيرات والتحليلات التي تعطيها وسائل الأعلام سواء في الغرب او في العالم العربي للأنتفاضة التونسية، والتي ترددها الفئات المثقفة، بشكل عفوي وببغائي، هي مضللة ومزيفة. لماذا؟ لأن أن هذه وسائل ألأعلام يسطر عليها كبار الشريكات الرأسمالية والدول التي تخدم مصالحها،وهذا يعني بشكل ملموس أن وظيفتها في مجتمعاتنا الحاضرة تقتصر على شيأن : (1) تعكس وجهة نظر الطيقات الحاكمة في العالم الرأسمالي الغربي وعملآئهم في العالم الثالث ؛ (2) أهداف وأغراض الآخبار والتحليلات التي تنشرها ليست موجهة لتنويرعقل القارئ او المستمع وتنمية قدراته العقلية لتمكنه من النقد وألتمييز بين العوامل الكثيرة أو لفهم الظواهر الملموسة ومعطيات الواقع الاجتماعي، السياسي، الايديلوجي. الخبر التي تنشره وسائل ألأعلام الأسمالية هو سلعة وعندما تنشره كبار الوكلات المتخصصة في إنتاج ألأخبار(رويترز، فرانس برس، أسوسية برس...الخ)، لآنه يُؤمن ربحآ لهذه الوكالات العالمية ولأنه يهم أيضآ المخططين والمؤسسات المتخصصة في الدعاية الساسية والتضليل في الدول الرأسمالية. بمعنى آخر، الخبرالذي نقرأه في الصحيفة او نسمعه في الراديو او في التلفزيون، لا يصل الى الجمهور بالرغم من أنه حصل في مكان ما على وجه ألأرض، إل لانه يتناسب مع أهداف وأغراض الدعاية السياسية. ما هي أهداف وأغراض الدعاية السياسية بشكل محدد؟ التضليل العقلي والنفسي للشعب، للناس وللجماهيرولكي تكون فكزتنا كاملة، يجب أن نضيف أن هذا التضليل العقلي والنفسي هو في خدمة الطبقة الرأسمالية والبورجوازية وعملأئها في الدول التي تدور في فلق ألأمبريالية العالمية. لمزيد من التفاصيل عن اُسس ومبادئ وأجهزة الدعاية بشكل عام والدعاية السياسية بشكل خاص، يمكن الرجوع الى مقالاتنا باللغة الفرنسية وسوف نحاول مؤخراً أن نجعلها في متناول القارئ العربي. 
 
لنرجع ألأن الى السؤأل الذي طرحناه في بداية هذا المقال لمناقشة ونقد بعض التفسيرات والتحليلات التي تروجها وسائل ألأعلام الرأسمالية لحوادث تونس والأنتفاصة الشعبية التي اطاحت بنظام بن علي, كل هذه الحليلات والتفسيرات المنشورة تصب في نمط واحد: ألأنفاضة التونسية هي ثورة أندلعت ضد نظام فاسد، أستبدادي ولاديمقراطي, هل هذا صحيح أن أنتفاصة الشارع التونسي هي ثورة ضد نظام فاسد، أستبدادي ولاديمقراطي؟ هذا الفصل بين نظام ديمقراطي ونظام لاديمقراطي هو فصل عشوائ وهي فكرة مزيفة صنعتها مؤسسات الدعاية الرأسمالية، لآن النظام الوحيد الذي يسيطر في المجتمعات الرأسمالية الغربية يُوجد في المجتمعات الرأسمالية الطبقية هو نظام ديكتاتورية رأس المال. من ناحية ثانية، ألأنتفاضة التونسية ليست ثورة بمعنى أنه لا يوجد تغييرات جذرية في بنية النظام الراسمالي التونسي الموروث من حقبة ألأستعمار الفرنسي وبدون هدم هذا النظام الرأسمالي لا يوجد أي حل لمشكلة البطالة بشكل عام وبطالة الشباب بشكل خاص.هناك سؤال يجب طرحه: لماذا نظام الرئيس المخلوع بن علي كان نظاماً استبدادياً ولاديمقراطياً وفي حين الوقت تخضع تونس لنفس المعايير التي نوجدها في دُول تد"عي أنها دُول لديمقراطية أصيلة مثل الدُول اللأوروبية اوالولايات المثتحدة الأمريكية؟ نعم، حسب المعايير الغربية للديمقراطية، نستطيع أن نقول بدون تردد أن نظام بن علي كان نظاماً ديمقراطياً بدون أي شك حيث نجد كل عناصر الديمقراطية الغربية: إنتخابات، مؤسسات تشريعية، قوانين، أحزاب سياسية، معارصة سياسية، هيئات مهنية...الخ, نظام بن علي ليس أكثراو أقل ديمقراطية من فرنسا، من المانيا، من الولايات المتحدة الأمريكية. الفساد والرشوة لا تفسران ابدأ ما حصل في الشوارع التونسية منذ 17 كانون الاول 2010 لأن الفساد والرشوة لا تقتصر على تونس وعلى نظام بن علي بل هي ظاهرة أجتماعية وسياسية عامة تخص كل دول العالم بدون أستثناء.
 
هل إنتفاضة الشارع التونسي، حسب ما تزعمعه النخبة الغربية والعربية الببغائية، إنتفاضة شعب متعطشا الى هزلية الديمقراطية الغربية ام هي بالعكس انتفاضة للطعام وللخبزمصدرها نظام أقتصادي عاجزعن تأمين الحاجات الاولية للآغلبية الساحقة من البشر، بالرغم من إنه ينتج سلع بشكل مفزع ؟ محمد البوغزيزي، الرجل الذي اسقط نظام بن علي بعد 23 عامآ والذي قضى نحبه في المشتفى في 5 من كانون الثاني الجاري، بضعة ايام قبل هرب الرئس التونسي واسرته الى العربية السعودية، هل أشعل نفسه وضحى بحياته لآنه كان متعطشاٌ الى هزلية الديمقراطية ام أنه كان شابآ عاطلآ عن العمل منعته السلطات المحلية بيع خضاره ليوُمن رزقه وليكسب عيشه ؟ شباب مدينة سيدي بو زيد وشباب مدن تونسية اخرى الذين نزلوا في الشوارع ليتظاهروا ضد نظام بن علي، هل معركتهم هذه كانت من أجل الديمقراطية وحرية الرأئ أم لأنهم عاطلون عن العمل ولأنهم يؤلفون جيشآ من العاطلين عن العمل ؟ ولكن هناك أيضآ سؤالآ أخر يطرح نفسه: من هو المسؤؤل الاول عن عطالة الشباب ليس في في تونس فقط وانما في باقي الجتمعتات :الحكومات والدول؟ الجواب هو نظام إقتصادي ونمط إنتاخ معين معروف بأسم الرأسمالية. 
 
ما حصل في تونس منذ شهر كانون اول 2010 لا علاقة له لا من قريب او من بعيد مع نظام بن علي، مع ديمقراطية او لا ديمقراطية هذا النظام, الدافع الرئيسي للشباب التونسي، البطلة والفقروالحرمان. البطالة والفقر والحرمان في المجتمعات الراسمالية هم نتاج ليس الدولة اوالسلطة السياسية، بل نظام أقتصادي معين ونمط انتاج محدد، أسمه الرأسمالية. الدول الحالية هي نفسها صنع وأفرازات الرأسمال، ألأستعمار وألأمبرالية, في هذا السياق، يمكننا القول بأن كل دول منطقة الشرق ألأوسط هم إنتاج رأسمالي وإمبريالي محض خلقتها القوات المستعمرة البريطانية والفرنسية في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن وما يسمى عادة بأستقلال دول العالم الثالث ما هو الا أنظمة خلقتها وصنعتها القوات المستعمرة (مع فتح الميم) لعملأئهم المحليين لمتابعة ألأستعمار وألأمبريالية بأشكال جديدة, يجب التذكير في هذا الحيال بأن الوظيفة الاولى للدولة والسلطة السياسية في المجتمع الرأسمالي   سواء في أوروبا، في أمريكا او في دول العالم الثالث هي اولآ: خدمة الرأسمال والدفاع عن مصالحه في جميع المجالإت، أقتصادية، سياسية،إديولوجية الخ,,,، وثانيآ: قمع الطبقات وبشكل خاص الشعب الكادح وكل من يحاول ان يهدد بشكل مباشر او غير مباشر، اُسس النظام الرأسمالي ومبادئ المجتمع الطبقي البورجوازي ونظام الملكية الخاصة. لكن لا يكفي أن نقول أن النظام الرأسمالي يفرز للبطالة كم يفرز الكيد الصفراء، يجب أن نحدد أيضآ من يسبب بشكل مباشر البطالة، الفقر والحرمان، يعني الملكية الخاصة لواسئل ألأنتاج التي تؤهل رب العمل أستغلال قوة العمل ونهب العامل والمأجور ومصادرة نتيجة عمله وتأجير من هو قادر  فقط على انتاج الربح والفائدة, لو كان صحيح أن بإستطاعة الدولة والسلطة السياسية حل مشكلة البطالة في المجتمع الرأسمالي، لما كان هناك مئات الملايين من العاطلين عن العمل و لما كان هناك أكثر من نصف الانسانية يعيش في الحرمان والفقر, لحل مشكلة البطالة والفقر والحرمان وإستغملال الانسان بانسان آخر. لا يوجد هناك الف خيار لهدم ومحو البطالة؛ هناك أختيار واحد فقط : التخلص نهائيآ والى الابد من النظام الرأسمالي وهذا يعني بشكل ملموس، إلغاء الملكية الخاصة لوسائل ألأنتاج التي تعطي الرأسمالي و رب العمل السلطة والقدرة لأأستغلال نتيجة العمل للعامل وللمأجور.
 
الأزمة التي تعيشهاا تونس منذ 17 كانون اول 2010، ليست أزمة إجتماعية عابرة مقتصرة على بلد واحد، تونس، اوعلى بلدان شمال أفريقية او بلدان الشرق ألأوسط بل هي نتيجة أزمة عالمية تتخط حدود الدول والقارات. هذه ألأزمة هي أزمة ألنظام الرأسمالي ووليدته، ألأمبريالية, ولكن لا يكفي أن نقول أن ألأزمة التي يعيشها عالمنا اليوم هي أزمة عابرة مثل كل ألأزمات التي شهدها العالم الرأسمالي منذ قرنين، يجب أن ننوه وأن نحدد أيضآ أن ألأزمة الحالية هي آخر أزمة يعيشها النظام الرأسمالي الذي دخل خصوصآ منذ ايلول 2008 في غيبوبة عميقة لن يستطيع الخروج منها أبدآ, ما حصل في تونس وما يحصل اليوم في آخر بلدان العالم  ما هي ظاهرة حية من مجموعة الظواهر التي تنبئ وتدل بشكل قاطع بأن الرأسمالية العالمية دخلت حالة أحتضار وفي حالة موت دماغي بطئ.  
 
في نهاية هذا المقال، يمكننا أن نستخلص أربعة دوروس من الانتفاضة التونسية التي أدلعت في بو زيد في 17 من كانون ألول 2010, الدرس ألأول، نسطيع أن نقول بدون مبالغة بأن هذه ألأنتفاضة التونسية هي أول حرب طبقية تشهدها المنطقة العربية ونجاحها في الاطاحة بنظام معروف بكونه نظام قمعي بوليسي يعتبر حدثآ تاريخيآ شديد الاهمية لأنها أظهرت بشكل واضح أنه ممكن للجماهير الكادحة، والمستغلة والمحرومة من حقوقها الطبيعية أنه ممكن محاربة، ومقاومة وقهر الطبقات الرأسمالية الحاكمة ووسائلها وأدواتها البولسية القمعية. الدرس الثاني للانتفاضة التونسية، دخول شبكات ألأتصال الحديثة في الحرب الطبقية وكسرأحتكارالطبقات الحاكمة لأدوات ووسائل التضليل النفسي والعقلي للجماهير والطبقات الكادحة. هذه الظاهرة الجديدة ظهرت بشكل واضح ظهر في  آخر خطاب لبن علي قبل هروبه العاجل الى العربية السعودية عندما حاول أستخدام آخر ورقة يملكها في يديه لتضليل الشباب والمحتجين والشعب، ورقة الانترنت، معلناًأن حكومته تمنح الحرية الكاملة لأسعمال شبكات الأعلام الجديدة, هذا الأعلان حول ألأنترنت له أهميته ودلالات سياسية ونفسية بعيدة، لأن ألأنترنت ساهمت بشكل فاعل في قلب نظام بن علي البوليسي والقمعي عندما أكشف الشعب التونسي والعالم الخارخي صور ضحايا القمع البوليسي. على عكس ألأنتفاضات السابقة حيث قوات القمع تقتل مئات المحتجين والمتظاهرين بدون صور او شهود عيان، مع هذه ألأنتفاضة، ألتونسيون والعالم كله أستطاعوا لأول مرة في التاريخ الحديث أن يشاهدوا عبر الهاتف الجوال وألأنترنت، صور جثث مشوهة وصور حرحى مع وجوه وأجساد ملطخة بالدماء. روؤية كل هذه المشاهد المرعبة كانت سببآ رئيسيآ في مواصلة ألأنتفاضة التونسية التي ساهمت في ألأطاحة بنظام بن علي في 14 يناير 2011, الدرس الثالث هو أن الطبقات الحاكمة وأداتها القمعية لايستطيعون منذ ألأن تخفية آثار جرإئهم او تكتم عن وجوه ضحايا قواتها الحربية والبوليسية. الدرس الرابع للأنتفاضة التونسية هو أنه ممكن محاربة وقهر الطغاة والطبقات الحاكمة في أي مكان على وجه ألأرض على شرط التغلب على الخوف التي تستخدمه السلطة كوسيلة لتحكم الشعب والجماهيروكادات لمنعهم من ألأنتفاصة والثورة.



Créer un site
Créer un site