كيف نُفسرإنتفاضات العالم العربي ؟
 
فوزي المير
 
ما يحدث اليوم في العالم العربي بعد ألأنتفاضة التونسية هو مُؤشر هام على أن المنطقة الشرق ألأوسط دخلت في مرحلة جديدة من تاريخها التي يمكن وصفها بدون أي شك بالصراع الطبقي وحرب طبقية بين من ناحية، طبقة حاكمة مستغلة(مع كسر ال غ) و من ناحية اُحزى، ألأعلبية الساحقة من طبقة المستغلين(مع فتح ال غ). عندما نقول أن المجتمعات العربية تجتاز مرحلة صراع طبقي هذا لا يعني أبدآ أنه لن يكن هناك صراع أو حرب طبقية حتى ألأن، بل يعني أن إيدلوجية والدعاية السياسية للطبقات الحاكمة في العالم الغربي الرأسمالي نجحت في أفساد عقول نخبتها والفئات المثقفة في العالم الثالث بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص عندما روجت فكرة نهاية الماركسية واُسسها العامة، المادية التاريخية والمادية الديالكتية التي تعلمان أن تاريخ المجتمعات ألأنسانية ما هو إلا تاريخ صراع طبقي بين المُستغِلين والُمُستغَلين. سقوط ألأنظمة الشيوعية في ألأتحاد السوفياتي واُوروبا الشرقية أدى حتميآ إلى تلاشي وأضمحلال الماركسية وفكرة الصراع الطبقي وإلى إنتصار فكرة نهاية التاريخ مع إنتصار ألأأنظمة الرأسمالية على المعسكر الشيوعي.
 
مصيرأُسطورة نهاية التاريخ لفرنسيس فوكوياما كلنا نعرفها اليوم ومعها كل الاُطروحات والنظريات الوهمية التي أنطلقت من الولايات المُتحدة، والتي روجها يالتحديد جامعيين ومختصين في علم ألأقتصاد من ما يسمى "مدرسة شيكاكو" ألتي نجحت في تضليل وتلويث عقول النُخب ليس فقط في العالم الغربي بل في جميع دول العالم. كل هذه ألأساطير والنظريات الزائفة والوهمية التي تدعي أن هناك قوانين طبيعية تحكم المجتمعات ألأنسانية ومن بينها قانون السوق، تكسرت وتحطمت في بضعة أيام بين أيلول وتشرين ألأول 2008 مع ما تُسميه اليوم وسائل الإعلام الرأسمالية والدعاية السياسية، ألأزمة المالية مع إفلاس كبار البنوك ألأمريكية مثل لهمان برودرز ولكن هذه ألأزمة المالية ما هي في الحقيقة الا ظاهرة من عدة ظواهر تُنبأ عن دخول النظام الرأسمالي في غيبوبة عميقة وفي حالة موت دماغي بطيء. بوادر هذا الموت البطيء للنظام الرأسمالي لا تظهر فقط في إفلاس كبار المصارف ألأمريكية وألأوروبية بل بإفلاس دول مثل اليُونان وإيرلندا والبرتغال وأسبانيا...ألخ ولم يتم انقاظ هذه المطارف وهذه الدُول من ألفلاس محتوم إلا بفضل أموال الناس ومُدخراتهم في هؤُلاء البنوك والمصارف.
 
ما حصل مُؤخراً في تونس، ما يحصل اليوم في مصر وغداً في ألجزائر، في ألأردن، في اليمن، في السودان، في لبنان وفي جميع الدُول العربية وبقية دُول العالم، كل هذه ألأنتفاصات وكل هذا الفوران الشعبي في العالم العربي لا يمكن فصله أبداً عن ظاهرة الموت البطيء والمحتوم للرأسمالية والنظام ألأمبرالي العالمي, لتبسيط ولفهم ما نقصده بهذا الربط بين ما يحصل اليوم على الساحة العربية والموت البطيء والمحتوم للرأسمالية وألأمبريالية، يجب التذكير أن دُول منطقة السرق ألأوسط وبشكل عام كل دُول ما يُسمى بدُول العالم الثالث، هم نتاج محض للرأسمالية وأنهم صنعوا من قبل القوات ألامبريالية التي كانت تُسيطر على منطقة الشرق ألأوسط وشمال أفريقيا في بداية القرن العشرين.  بعد الحرب العالمية الثانية الذي شهد أُفول ألأمبرالية البريطانية والفرنسية في العالم العربي، أستطاعت ألولايات المتحة ألأمريكية أن تحل محل بريطانيا وفرنسا وأن تلعب نفس الدور في تثبيت وحفظ هيمنة النظام ألأمبريالي العالمي. نحن نعرف أن النظام ألأمبريالي العالمي هو مُكون من عدة عناصر مُرتطبتة ببعضها ببعضاً وإن أي خلل في عنصر له طبعاً إنعاكاسته على العناصر الاُخرى وعلى سير وعمل النظام بشكل عام. على سبيل المثال، ضعف وتخلخل النظام ألأمبريالي خلال الحرب العالمية ألأُولى أتاح الفرصة للحزب البلشفي لنجاح ثورته وألأطاحة بالقيصرية والطبقة البورجوازية في روسيا ونفس الضعف والخلل في النظام ألأمبريالي خلال الحرب العالمية الثانية أعطى ماو تسي تونغ فرصة ذهبية لنجاح ثورتة في الصين. ماحصل قي تونس وما يحصل اليوم في مصروما سيحصل غداً في آخر البلدان العربية ما هي الا بوادر ليس من خلل عابر او ضعف عابر للنظام ألأمبريالي العالمي بل هي ظواهر تُنبئ بالموت البطيء لهذا النظام وللرأسمالية, ألأسابيع والشهور والسنوات المقبلة سوف تعطينا مزيداً من الدلائل الحية عن أحتضار نظام الذي هيمن على العالم وعلى ألأرض منذ أكثر من خمسة قُرون. ألسؤال الذي يُمكن طرحه ألأن هو معرفة بوادر هذا العالم الجديد الذي هو ألأن في قيد التكوين.         
 
 
 
   
 
 
          



Créer un site
Créer un site